تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش: قوات الأمن في الكويت تهاجم المتظاهرين وتستخدم القوة المفرطة لتفريق متظاهرين سلميين !
قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن قوات الأمن الكويتية لجأت في بعض المناسبات إلى استخدام ما يبدو أنه قوة مفرطة لتفريق متظاهرين سلميين إلى حد بعيد في سلسلة من التظاهرات المتعلقة بالمشاركة في العملية السياسية بالبلاد منذ أكتوبر/تشرين الأول 2012. أصيب بعض المتظاهرين بجروح واعتقلت قوات الأمن عدداً أكبر.
بررت وزارة الداخلية استخدام القوة في عدة تصريحات على أساس أن المتظاهرين قطعوا الطرق وألقوا الحجارة على الشرطة وهاجموا أفرادها. إلا أن هيومن رايتس ووتش أجرت مقابلات مع أكثر من 20 من منظمي التظاهرات والمشاركين فيها والنشطاء الحقوقيين والشهود، الذين قالوا إن التظاهرات التي شاركوا فيها أو شهدوها كانت سلمية إلى حد بعيد. وقالوا إن أفراد شرطة مكافحة الشغب الملثمين استخدموا الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية دون إنذار لتفريق التظاهرات، وضربوا المحتجين أثناء اعتقالهم بسبب مشاركتهم في “تظاهرات بدون تصريح”.
قال إريك غولدستين، نائب المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “لا يوجد مبرر لمهاجمة المتظاهرين السلميين، وعلى السلطات أن تبرهن على عدم تسامحها مع الانتهاكات من خلال التحقيق في كافة مزاعم الإساءة من قبل قوات الأمن ومعاقبة المسؤولين عن انتهاك الحقوق”.
منذ منتصف أكتوبر/تشرين الأول، قام نشطاء الإنترنت وجماعات المعارضة بتنظيم العديد من التظاهرات في أنحاء مختلفة من الكويت، احتجاجاً على مرسوم أصدره الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح، وعلى عملية انتخابية قالوا إنها تقوض حقوقهم. حظرت الحكومة كافة التظاهرات في البداية، ثم تراجعت عن قرارها.
قالت هيومن رايتس ووتش إنه يجب على السلطات الكويتية احترام الحق في حرية التجمع السلمي، والتحقيق في استخدام الشرطة للقوة أثناء التظاهرات. وإذا لزم استخدام القوة لمنع المتظاهرين من ممارسة العنف فعلى قوات الأمن استخدام الحد الأدنى من القوة اللازم لتنفيذ أهداف قانونية.
وعلى الكويت أن يعزز آليات مساءلة شرطته بإنهاء استخدام قوات مكافحة الشغب الملثمة، التي لا يرتدي أفرادها شارات تحدد هوياتهم، كما قالت هيومن رايتس ووتش. رغم أن عناصر الشرطة قد تكون لديهم أسباب مشروعة لإخفاء هوياتهم في بعض الظروف المحددة، كإجراء عمليات المراقبة مثلاً، فإن حفظ الأمن أثناء التظاهرات ليس من تلك الظروف.
بدأت الأزمة السياسية في الكويت في يونيو/حزيران، حينما علق الأمير البرلمان لمدة شهر. بعد ذلك حلت المحكمة الدستورية البرلمان، لكنها رفضت طلب الحكومة بتعديل قانون الانتخاب في البلاد في 25 سبتمبر/أيلول. في 7 أكتوبر/تشرين الأول، حدد الأمير الأول من ديسمبر/كانون الأول كموعد لانتخاب برلمان جديد.
في 19 أكتوبر/تشرين الأول أصدر الأمير مرسوماً يعدّل قانون الانتخاب فيخفض عدد الأصوات التي يمكن لكل ناخب الإدلاء بها من أربعة إلى واحد. أدانت جماعات المعارضة هذا التحرك، بما فيها الإسلاميون والليبراليون والقوميون والعناصر القبلية، قائلين إنه يخالف الدستور وأن قانون الانتخاب لا يمكن تعديله إلا على يد برلمان منتخب.
استخدمت قوات الأمن القوة واعتقلت المتظاهرين في عدة تظاهرات، كما قال المتظاهرون والشهود. في 15 أكتوبر/تشرين الأول اعتدت قوات الأمن بالضرب على متظاهرين بالقرب من البرلمان بعد قيام بعض المتظاهرين بإزالة أحد الحواجز. استخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية لتفريق تظاهرة يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول بمنطقة أبراج، وتظاهرة أخرى في نفس اليوم عند برج التحرير في مدينة الكويت. كما استخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية في تظاهرة بتاريخ 4 نوفمبر/تشرين الثاني في مشرف.
في 21 أكتوبر/تشرين الأول أصدرت وزارة الداخلية تصريحاً يقول إنها لن تسمح بالتظاهرات إلا في ساحة الإرادة المواجه لمبنى مجلس الأمة (البرلمان) في مدينة الكويت، ثم سمحت بالتظاهرات يومي 30 نوفمبر/تشرين الثاني و8 ديسمبر/كانون الأول، اللذين انتهى كلاهما بسلام.
تنص المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صدق عليه الكويت في 1996، على أن “يكون الحق في التجمع السلمي معترفاً به”، وعلى أنه “لا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تفرض طبقاً للقانون، وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام، أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم”.
كما يضمن دستور الكويت الحق في حرية التجمع. في 2006 أسقطت المحكمة الدستورية 15 مادة من 22 كان يشتمل عليها القانون الكويتي للاجتماعات والتجمعات العامة لسنة 1979، بما فيها المادة 4 التي كانت تشترط الحصول على تصريح للتجمع العام. إلا أن التصاريح لا تزل شرطاً لإقامة المسيرات.
قال إريك غولدستين: “يحتاج حكام الكويت إلى احترام الحق في التجمع السلمي على نحو كامل. كما أن وصف التجمع بأنه ‘بدون تصريح‘ لا يمنح الشرطة ترخيصاً بضرب المتظاهرين”.
للمزيد من التفاصيل عن مهاجمة الشرطة للمتظاهرين، يرجى متابعة القراءة أدناه.
دعا نشطاء وجماعات المعارضة إلى تجمع مسائي في ساحة الإرادة بالقرب من البرلمان يوم 15 أكتوبر/تشرين الأول، فتجمعت عدة آلاف من المتظاهرين. ورغم أن المتظاهرين كانوا في البداية سلميين، فإن شهادات بعض الشهود ومقاطع الفيديو التي فحصتها هيومن رايتس ووتش تشير إلى محاولة بعض المتظاهرين تحطيم الحواجز الحديدية التي أحاطت بها قوات الأمن موقع المظاهرة. اعتدى أفراد قوات الأمن الملثمين الواقفين خلف الحواجز على بعض المتظاهرين بالعصي، وأصيب بعض المتظاهرين وبعض عناصر الشرطة على السواء. وفي 17 أكتوبر/تشرين الأول أصدرت وزارة الداخلية تصريحا يبدي “الأسف العميق” على إصابات الجانبين.
التقت هيومن رايتس ووتش بأربعة أشخاص قالوا إنهم شاركوا في التظاهرة وقالوا إنها ظلت سلمية إلى حد بعيد على الرغم من الاشتباك الوجيز. قال محمد العريمان، 25 سنة، إنه كان قريباً من أحد الحواجز حين اعتدى عليه أفراد الأمن الملثمين بالضرب:
وصلت في نحو السادسة والنصف مساءً وكان كل شيء على ما يرام حتى حوالي التاسعة والنصف. كانت قوات الأمن قد سدت 3 طرق ولم يكن هناك مخرج إلا باتجاه الشاطئ. سار المتظاهرون نحو الحواجز ولم أكن في الصف الأول. دار بعض الحديث بين المتظاهرين وقوات الأمن وفجأة وجدت الناس يجرون مبتعدين. بعد لحظات ضربني أحد [عناصر شرطة مكافحة الشغب الملثمين] على ظهري بعصا وضربني آخر على رأسي. كنت أنزف بغزارة، وحاول بعض الناس الخروج بي سريعاً إلا أنهم لم يسمحوا لنا بالرحيل. لم أملك خياراً سوى السير على الشاطئ والتسلل من خلف حاجز الشرطة ثم أخذ سيارة إسعاف إلى المستشفى الأميري. بقيت هناك وخضعت لخمس غرز جراحية.
تظاهرة 20 أكتوبر/تشرين الأول (مسيرة كرامة وطن الأولى)
قيدوا يدي خلف ظهري ودفعوني إلى واحدة من حافلتين متوقفتين بالقرب من المكان ومخصصتين للمتظاهرين المعتقلين. صعد ضابط إلى الحافلة وبدأ يضربنا. حين اقترب مني قلت له، “لا يسمح لك القانون بضربي ما دمت قد اعتقلت بالفعل”. فاشتد غضبه وضربني لمدة دقائق إضافية قليلة. ثم أمسك بيديّ من خلف ظهري ورفعهما حتى شعرت بألم حاد. وتوقف بعد أن صرخت… بعد بلوغ قسم شرطة الصالحية تم أخذي إلى المستشفى الأميري وتقديم العلاج لي.
طلبوا بطاقات هويتنا وكانوا يضربوننا في نفس الوقت. فحاولت الابتعاد بضعة خطوات لكنهم لحقوا بي وقيدوا يديّ بالقيود، ودفعوني بإزاء سيارتي وضربوني لمدة دقائق قليلة. بعد أن أعطيتهم بطاقتي الشخصية عصبوا عينيّ ووضعوني في مؤخرة عربة من طراز “جي إم سي يوكون” وانطلقوا بها.
سألوني لماذا شاركت في التظاهرة وطلبوا مني كلمة المرور الخاصة بهاتفي من طراز “آيفون”، التي رفضت الكشف عنها. فأخذوني إلى غرفة وبدأ اثنان من الملثمين في ضربي بينما كان الثالث يقف متفرجاً. بعد دقائق قليلة طلبوا مني فتح هاتف “الآيفون”، فأدخلت شفرة خطأ تسببت في إغلاق الهاتف لمدة 5 دقائق. ضربوني لمدة 30 دقيقة تقريباً لأنهم كلما طلبوا كلمة مرور الهاتف كنت أدخل كلمة خطأ. في النهاية فتحت الهاتف فتوقفوا عن ضربي.
بدأ المتظاهرون [في التجمع] في نحو الثامنة صباحاً بالقرب من المكتبة الوطنية وحاولوا السير في اتجاه مبنى مجلس الأمة لكن قوات الأمن سدت طريقنا. فغيرنا مكان المظاهرة وتجمعنا في موقف سيارات المحكمة. كنا نحمل أعلاماً برتقالية وننشد النشيد الوطني. في نحو التاسعة والنصف ظهرت [عناصر مكافحة الشغب الملثمة] ووقفت على بعد حوالي 50 متراً منا وقالوا عبر مكبرات الصوت: “يجب عليكم تفريق هذا التجمع لأنه بدون تصريح”. أنهينا التجمع في نحو الحادية شعرة وطلب منا خالد زيارة مكتبه القريب لتناول الشاي. كنت أسير أمام خالد بحوالي 5 مترات حين سمعته يصرخ. وحينما التفت رأيت عناصر الأمن الملثمين يطرحونه أرضاً ويقيدون يديه. ثم أخذوه إلى سيارة “يوكون” وابتعدوا به.
أعتقد أن ستة أو سبعة منهم طرحوني أرضاً وضربوني بأيديهم وأرجلهم. قيدوا يديّ بقيود محكمة من البلاستيك وضربوني على وجهي. ما زالت هناك كدمة فوق عيني اليمنى.
كانت قوات الشرطة والقوات الأمنية الملثمة المدعومة بالعربات المدرعة تقف على بعد نحو 30 متراً منا. وقالوا إن التجمع بدون تصريح وعلينا أن نتفرق. ثم بدأوا في استخدام القنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع في غضون 10 دقائق بعد بداية التظاهرة. عدت إلى بيتي وفي نحو العاشرة مساءً قررت الخروج لتفقد الوضع. وبعد مغادرة منزلي بقليل تم اعتقالي. كانت تجربة مروعة، فقد طرحوني أرضاً ثم قيدوا يديّ ودفعوني إلى حافلة. تم اعتقال 8 أشخاص في ذلك اليوم. أخذونا إلى قسم شرطة تيماء ثم إلى مكتب مباحث السالمية، حيث اتهمت بـ”التجمع غير المشروع” و”الاعتداء على قوات الشرطة” و”رفض إطاعة أوامر الشرطة”. قضيت ليلة واحدة بمفردي في زنزانة بلا نوافذ في مركز الحجز العام.