النائب مهلهل المضف يتقدم رسمياً بطلب استجواب لسمو رئيس الوزراء بصفته متضمناً ثلاثة محاور
تقدم النائب مهلهل المضف باستجواب إلى سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح مكون من 3 محاور، تعلق المحور الأول بالتراجع عن مضامين خطاب العهد الجديد، وتعلق المحور الثاني بتخبط السياسات العامة للحكومة، فيما تعلق المحور الثالث بالتهرب من الإجابة على الأسئلة البرلمانية والتذرع بعدم دستوريتها، وجاء نص الصحيفة كالتالي:
السيد/ رئيس مجلس الأمة المحترم
تحية طيبة .. وبعد،،
استناداً لنص أحكام المادة (100) من الدستور والمادة (133) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، وتحملاً للمسؤولية السياسية التي كلفني بها أهل الكويت، وأداءً للأمانة، وتعزيزاً للرقابة، أتقدم بتوجيه الاستجواب التالي إلى سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد النواف الأحمد الصباح، برجاء اتخاذ الإجراءات اللازمة لإبلاغ ذوي الشأن وفقاً لأحكام المادة (135) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة.
مع خالص الشكر،،،
مـقــدم الاسـتـجـواب
عـضو مجلس الأمـة
مهلهل خالد المضف
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾ ]سورة القصص – 26[
إن الإيمان بمشروع الإصلاح السياسي كان دافعاً لنضال وتضحيات رجالات الكويت ممن سبقونا حتى تحقق لنا دستور 62، فدارت عجلة القوانين والتشريعات وتحققت رفاهية الشعب في التعليم والصحة والإسكان والتخطيط للمستقبل في بيئة سياسية تحاسب وتراقب وتشرع، فأنتجت رجال ونساء دولة نهضوا بالكويت وصنعوا ريادتها.
ولم تقبل الكويت وشعبها منذ مسيرتها الديمقراطية بتسلط الرأي الواحد حتى ترضى بتسلط الرأيين، فالشعب بكل اطيافه وتوجهاته وانتماءاته في متسع من الاصطفاف لفريق على فريق، وله آراء فيها من الخير والحكمة لمن القى السمع وهو شهيد.
ولأنها يفترض مرحلة عهد جديد بالخطاب والنهج والأفكار والرؤى، فهي إذن مرحلة رجال ونساء دولة في مجلس الوزراء أقوياء بتحمل المسؤولية، وأمناء بأداء أعمالهم، وصادقين بنواياهم، لا يخشون في مصلحة الكويت وشعبها لومة لائم.
ولأن شعب الكويت كله يتطلع لتصحيح المسار من خلال نتائج حقيقية تؤدي لتغيير جذري بالواقع الحالي، وما تسبب به العهد السابق من تراجع وفساد، فلابد من العمل الجاد والمتفاني والمتواصل من كفاءات الشعب المهمَلة، وأن يكون الإصلاح السياسي لما له من تأثير مباشر على العدالة والاقتصاد والخدمات والمعيشة الكريمة أن يكون مشروع دولة يوازي مشروع الدستور، فالطريق شاق والمهمة عظيمة ولكي نصل للغايات الكبيرة لابد من أشخاص بحجمِ هذه الغايات والتطلعات.
وأمام تراجع سمو رئيس الوزراء عن مضامين خطاب العهد الجديد التاريخي، وعدم تقديم مبادرة أو تبني لمشروع سياسي إصلاحي يحقق هذه المضامين التاريخية، وأمام محاولات التسويف والمماطلة وغياب الشفافية من سمو رئيس الوزراء بكل ما يتعلق بتحسين المعيشة للمواطن، وأمام سوء الإدارة وضعف القرار الحكومي، وصولاً للتعدي على الدستور بعدم احترام الأدوات الدستورية المتمثلة بالسؤال البرلماني والتي كفلها الدستور للنائب، أتقدم بهذا الاستجواب ليس فقط اختبار لصدق النوايا وجدية العمل، وليس فقط رفض لكل أجندة شخصية تبيع المبادئ وتشتري الوقت، بل أتقدم بهذا الاستجواب حتى يعرف الشعب أننا أصبحنا نقف بين مرحلة حقبة فاسدة وحقبة ضائعة، وما بين الفساد والضياع لابد للحكمة من كلمة تعلو وتُسمع وتُطاع. والله الموفق والمعين.
وحيث أن من بين ما نصت عليه المادة (100) من الدستور أنه «لكل عضو من أعضاء مجلس الأمة أن يوجه إلى رئيس مجلس الوزراء وإلى الوزراء استجوابات عن الأمور الداخلة في اختصاصاتهم»، وهي الأداة الأهم لإيقاف الخطأ وتقويم النظام وإصلاح الدولة ومكافحة الفساد، وهي أداة كفلها الدستور وحض عليها المشرع خيفة أن تطغى السلطة التنفيذية ولا تجد وسيلة لمحاسبتها فأوجد هذا الحق الدستوري الذي نتعامل معه الآن.
وإذا كان الدستور قد رسم في المادة (101) كيفية التعامل مع طرح الثقة في الوزير المستجوب، فإنه في المادة (102) منه قد حدد مساراً خاصاً للتعامل مع طلب إعلان عدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء في أعقاب استجوابه، بالإضافة إلى أنه وفقاً لأحكام المادة (127) من الدستور فإن رئيس مجلس الوزراء هو الذي يتولى رياسة مجلس الوزراء ويشرف على تنسيق الأعمال بين الوزارات المختلفة، أما مجلس الوزراء فإنه وفق المادة (123) هو الذي يهيمن على مصالح الدولة، ويرسم السياسة العامة للحكومة، ويتابع تنفيذها، ويشرف على سير العمل في الإدارات الحكومية. ولا يتولى رئيس مجلس الوزراء أية حقيبة وزارية وفقاً لحكم المادة (102) من الدستور، وقد أوضحت المذكرة التفسيرية للدستور أهمية ذلك: «مراعاة ضخامة أعباء رئاسة الوزارة في التوجيه العام للحكم، والتنسيق بين الوزارات واتجاهاتها، وتحقيق رقابة ذاتية يمارسها رئيس مجلس الوزراء على الوزارات المختلفة، مما يضاعف أسباب الحرص على الصالح العام والتزام هذه الوزارات للحدود الدستورية والقانونية المقررة.».
وإزاء هذه الأحكام الدستورية الصريحة، والتزاماً بالقسم الدستوري الذي بدأنا به مسؤولياتنا الدستورية في الفصل التشريعي السابع عشر لمجلس الأمة، فإنه حري بنا أن نتقدم باستجوابنا إلى سمو رئيس مجلس الوزراء بصفته، مبيّنين فيما يلي –بلا إجمال مخل ولا تفصيل ممل– الموضوعات والوقائع التي يتناولها هذا الاستجواب.
المحور الأول: التراجع عن مضامين خطاب العهد الجديد:-
جاء خطاب العهد الجديد في 22 يونيو 2022م الذي تلاه نيابة عن سمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه سمو نائب الأمير ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله، جاء هذا الخطاب بمثابة انفراج لأزمة سياسية طاحنة أطاحت بالفصل التشريعي السادس عشر لمجلس الأمة وبوزارة رئيس الوزراء السابق، كما جاء استجابة لرغبة كويتية شعبية عارمة بطي صفحة حقبة سياسية اتسمت بالفساد السياسي والمالي وتداخل الاختصاصات، أسست بنيانها على الحكم الفردي، مستهينة بالرأي العام الكويتي وبالمشاركة الكويتية في اتخاذ القرار السياسي. وحدد خطاب العهد الجديد مصدر الخلل في «تصدع العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية» «على حساب استقرار الوطن وتقدمه وازدهاره ورفاهية شعبه» «وظهور تصرفات وأعمال تتعارض مع الأعراف والتقاليد البرلمانية ولا تحقق العمل التنفيذي الحكومي المأمول»، كما أسس بنيانه على «الشعب باعتباره المصير والامتداد والبقاء والوجود» «ونزولاً على رغبة الشعب واحترام إرادته» «ليقوم بنفسه بإعادة تصحيح مسار المشهد السياسي» و»ليقول كلمة الفصل في عملية تصحيح مسار المشهد السياسي من جديد باختيار من يمثله الاختيار الصحيح والذي يعكس صدى وتطلعات وآمال هذا الشعب».
هكذا شيد العهد الجديد ركائزه بساريتين لخيمة الكويت ومحملها: (1) الاستقرار والازدهار، (2)الرفاهية.
ولم يكتف المقام السامي بخطاب العهد الجديد، بل عززه بخطاب «وثيقة العهد الجديد» المتلو في 18 أكتوبر 2022م مؤكداً على «أن الجميع شركاء في تحمل المسؤولية وشركاء كذلك في عملية البناء والإصلاح شعباً وأسرة حكم».
وجاءت وثيقة العهد الجديد بمثابة «خطاب توجيه وإرشاد ومتابعة … لما يجب أن يكون عليه العمل في المرحلة القادمة»، آملاً من أعضاء السلطة التشريعية «تعزيز الدور الرقابي للمجلس وعلى تفعيل دوره التشريعي بإصدار القوانين التي تجسد الوحدة الوطنية وتحقق رغبات المواطنين وتطلعاتهم» و»تفعيل دور الشباب وتحفيز مبادراتهم ليكونوا معكم صناعاً في بناء كويت الغد»، راجياً من السلطتين التشريعية والتنفيذية «الاهتمام كل الاهتمام بكل من خدم وطنه وتقاعد»، وموجها الحكومة «أن تضع لها خطة استراتيجية توضح فيها برنامج عملها بهدف الوصول من خلال تطبيق هذه الخطة إلى ما يسمى بالحوكمة الرشيدة ليتم من خلال هذا البرنامج محاسبة ومساءلة الحكومة عند الإخلال أو التقصير في تنفيذه» «وتبني مبادرتين، مبادرة المراجع الخفي، ومبادرة المبلغ السري» «وهدفنا من كل ذلك أن يكون كل المواطنين طرفاً شعبياً مشاركاً في متابعة ومراقبة أعمال مجلس الأمة والحكومة وشركاء في تصحيح المسار.».
وفي الخطاب الأميري الذي تلاه سمو رئيس مجلس الوزراء بتاريخ 18 أكتوبر 2022 تلمست التقدير والاعتزاز «لشعبنا الكريم الذي استجاب إلى رسائل وتوجيهات كلمة حضرة صاحب السمو … لإعادة تصحيح مسار المشهد السياسي» مضيفاً «اليوم ونحن نستقبل عهداً جديداً بحاجة إلى رؤية جادة للعمل الوطني تستند على أساس الإصلاح والالتزام بالحكمة والحفاظ على المكتسبات والمشاركة الفعالة لتحقيق الطموح والآمال الشعبية».
وقد تقدمت وزارة سمو رئيس مجلس الوزراء ببرنامج عملها إلى المجلس بتاريخ 29 نوفمبر 2022 متضمناً وبوضوح محوراً للإصلاح السياسي، ومن أهم ما يتضمنه هذا المحور برنامج تطوير العملية الانتخابية ومواكبة مستجداتها، ومحاور أخرى طموحة كان من الممكن أن تكون لبنة أساسية لخلق استقرار سياسي صلب وناضج يمهد لمرحلة الإصلاحات الاقتصادية.
وعلى الرغم من أن حكم المحكمة الدستورية في بعض الطعون على انتخابات أعضاء مجلس الأمة التي جرت في 29 سبتمبر 2022 والقاضي ببطلان تلك الانتخابات أعادنا مجدداً إلى أجواء التشنج والاضطراب، إلا أن للقيادة السياسية الحكيمة موقفاً ساطعاً بالتزامها بمضامين خطاب العهد الجديد، والذي أكدته مجدداً في خطابها في العشر الأواخر من رمضان الماضي «فخورين بالشعب ملتفين حول إرادته» و»يؤلمنا في هذه الأيام ما يؤلم المواطنين مما يشهده المشهد السياسي من الشعور بالقلق مؤكدين أنه لن يغير ولن يمس الثوابت والأسس التي تضمنها خطاب 22–6–2022» مقرراً حل مجلس 2020 مجدداً، مبيناً أن سبب الحل هو «الانتصار للإرادة الشعبية» «وسيواكب ذلك إصدار جملة من الإصلاحات السياسية والقانونية المستحقة».
وفي 20 يونيو 2023 أشاد سمو نائب الأمير مجدداً في افتتاحه الفصل التشريعي الحالي في شعبنا الكويتي الساعي للإصلاح «قال الشعب صدق كلمته، وأثبت وفاءه لقيادته، … واستجاب لتصحيح المسار»، وهو الذي اتفق معه خطاب سمو رئيس مجلس الوزراء «أتقدم بأطيب التمنيات إلى الشعب الكويتي الكريم الذي لبى الدعوة إلى إعادة تصحيح مسار المشهد السياسي» مؤكداً «أن الرسالة الواضحة التي تضمنتها الانتخابات …تشكل دعوة صادقة … للإسراع في تحقيق الإصلاح».
وقد ضمّن سمو رئيس مجلس الوزراء في الخطاب الأميري لافتتاح الفصل التشريعي السابع عشر لمجلس الأمة إدراكه أن «خطورة المرحلة الحالية في خضم المتغيرات الدولية والإقليمية المتسارعة … يجعلنا أمام مسؤوليات عظيمة … تستوجب منا وقفة جادة لاتخاذ ما يلزم … من العمل بكل جدية لتهيئة الأجواء وإزالة الاحتقان والتوتر بين السلطتين»، وهو إدراك لم يسعَ له سمو رئيس الوزراء حتى هذه اللحظة، بل إن خطابه الأخير في افتتاح دور الانعقاد الحالي جاء خالياً من كل مضامين الإصلاح السياسي وتصحيح مسار المشهد السياسي التي تضمنتها الخطابات المشار إليها والمبينة في هذه الصحيفة.
وقد جاء تراجع سمو رئيس مجلس الوزراء لمضامين خطاب العهد الجديد في كلا ركيزتيه على النحو التالي:
أ– التراجع عن تصحيح مسار المشهد السياسي:
تقدم سمو رئيس مجلس الوزراء ببرنامج عمل الحكومة 2023–2027 المعنون (تعديل المسار؛ اقتصاد منتج ورفاه مستدام) مهملاً بالكلية الإصلاح السياسي الذي هو لبنة الأساس الصحيحة للإصلاح الاقتصادي والمالي، والمعزز الحقيقي لاستقرار سياسي بين السلطتين، فلن يكون هناك استقرار طالما أن بيئة الانتخاب تفرز على الدوام أفراداً متفرقين متعددي الرؤى مختلفي الأولويات، بل إن الاستقرار ما هو إلا نتيجة وصول الجماعات السياسية المنظمة لقيادة السلطة التشريعية يتحالف معها رئيس الوزراء مشكلاً حكومته من ثقاتها ويتبنى برنامجها في إدارة الدولة، وهو ما يتطلب منه إحسان الظن بهذه المجموعة –وإحسان الظن أحد أهم وصايا القيادة السياسية للسلطتين في خطاباتها– وهو ما يتطلب الإسراع في تبني نظام القوائم والتمثيل النسبي، فبالقوائم يحتشد المرشحون متوافقو الرؤى والأولويات، وبالتمثيل النسبي يتضاءل التمثيل الفئوي ويضمر، فلا يصل للبرلمانات إلا الصفوة الوطنية التي تراعي المصالح العليا للكويت والصالح العام للكويتيين.
فإن كان سمو رئيس الوزراء يتفق في ذلك، لماذا لم نرَ حكومته تبادر بتقديم المشروعات بقوانين ذات الصلة؟ وهي القوانين التي ستصب في صالح الاستقرار السياسي بين السلطتين، وإن كان لا يتفق مع طرحنا أعلاه، فما هو تعريف سموه لعنوان (تصحيح مسار المشهد السياسي)؟ وكيف ستقوم حكومته بهذا التصحيح؟ إن عنواناً عريضاً ورئيسياً مثل هذا متلو في خطاب سامي من رأس هرم الدولة يتطلب من سمو رئيس الوزراء تبيان وجهة نظر حكومته إزاءه، أم أن حكومته ليس لديها ما تخاطب به شعبها وبرلمانها بشأن هذا العنوان العريض الذي صار وسماً للعهد الجديد تتناقله ألسن المواطنين وتطرب لسماعه آذانهم؟
والحقيقة أن كل الأطراف السياسية الفاعلة في المشهد عبرت عن إشادتها بعنوان (تصحيح مسار المشهد السياسي)، قيادة سياسية، وأعضاء منتخبين، وقوى سياسية، ما يجعل العمل على تصحيح مسار المشهد السياسي واجب وطني ملزم على حكومة سمو رئيس مجلس الوزراء، وبالتراجع عنه تنشأ المساءلة السياسية المفضية إلى عدم إمكان التعاون مع حكومة سموه!
ب– المماطلة في تحسين معيشة المواطنين:-
علاوة على أن الرفاهية ركيزة أساسية في خطاب العهد الجديد، حضت عليها السلطة التأسيسية في المادة (20) من الدستور مقررة «أن الاقتصاد الوطني أساسه العدالة الاجتماعية، وقوامه التعامل العادل بين النشاط العام والنشاط الخاص، وهدفه تحقيق التنمية الاقتصادية وزيادة الإنتاج ورفع مستوى المعيشة وتحقيق الرخاء للمواطنين»، وهذا الذي لم تستعجل فيه حكومة سمو رئيس مجلس الوزراء مما يعتبر تراجعاً منها عن مسؤوليتها في العمل على استمرار رفاه المواطنين من خلال تبني برنامج لم يذكر فيها التحسينات المعيشية للمواطنين ورفع المعاناة عنهم والرخاء والرفاه وتعزيز الأمن المالي وغيرها من الأمور ذات الصلة.
ولا مسوغ للحكومة التعذر بأن هذه المسائل تتطلب مشاريع أو اقتراحات بقوانين، إذ سبق لها إصدار قرارات بزيادة الرسوم والمعاشات الاستثنائية للوزراء ومنح القيادات الإدارية العليا والوسطى ميزات مالية ورواتب استثنائية وهو الأمر الذي لا يستقيم مع التوجه الحكومي المفترض في وقف الهدر والحرص على المال العام وصرف الأموال لمستحقيها في خطوة تؤكد ردة حكومية يساءل عنها رئيس الوزراء. وعليه تكون أعذار الحكومة واقعةً في معنى التسويف والمماطلة بلا مبررات، مما يتطلب تحميل سمو رئيس مجلس الوزراء مسؤوليته السياسية كاملة.
المحور الثاني: تخبط السياسات العامة للحكومة:-
تعني السياسة العامة للحكومة وفقاً لقرار المحكمة الدستورية التفسيري رقم 10 لسنة 2011 بأنها «الإطار العام الذي تتخذه الحكومة نهجاً لها في توجيه العمل الذي تسير على خطاه وزارات الدولة ومصالحها، وما تنوي الحكومة النهوض به من أعمال ومشروعات وخطط مستقبلية في المجالات المختلفة»، وتقوم الحكومات –عادة– بتضمين سياساتها العامة في برامجها، إلا أن برنامج عمل الحكومة المعنون (تعديل المسار؛ اقتصاد منتج ورفاه مستدام) جاء مقتصراً على الإصلاحات الاقتصادية والمالية، مهملاً ما يجب أن يسبق هذه الإصلاحات من خطوات مستعجلة وجادة لتهيئة الجو السياسي أولاً للعمل الجماعي المنظم، وتصفيته من الانتهازيين والمتكسّبين على جراح وآلام مواطنينا وهمومهم.
وبرنامج الحكومة الحالي لا يختلف في غاياته عن برنامج الحكومة المقدم للفصل التشريعي الرابع عشر لمجلس الأمة (شراكة في المسؤولية لاستدامة الرفاه) والذي عبرت فيه الحكومة بوضوح عن وجود تحديات مؤسسية «تتلخص في شك المواطن بقدرة الحكومة على إحداث التغيير الإيجابي المطلوب والضروري»، وهي تحديات لا زالت قائمة، فحكومة سمو رئيس الوزراء لم تشكل نفسها على أساس سياسي متين، وما تزال السياسة العامة في تشكيل الحكومة تقوم على أساس المحاصصة الفئوية وبلا اعتبار للكفاءة ولا التأهيل، كما لم يراع سمو رئيس الوزراء في تشكيل حكومته أبسط الاعتبارات السياسية والأخلاقية، ولم يستطع إقناع أقرب النواب إلى خطه السياسي من مشاركته في التشكيل الحكومي، كما أدت سياساته إلى استقالة وزيرين في بداية عمر هذه الحكومة، وهو ما يؤكد أن حكومة العهد الجديد تتبع في بعض سياساتها سياسات حكومات سابقة عليها سقطت شعبياً وسياسياً.
وأشهر هذه السياسات هي سياسة شراء الوقت عبر تسويف القرارات العاجلة التي بإمكان أجهزتها الإدارية اتخاذها دونما الحاجة لاجتماعات اللجان البرلمانية ولا التقدم بمشروعات القوانين مثل الزيادات المالية الموعودة وضبط سلم الأجور وعلاج التفاوت بينها والتحكم بأسعار السلع الأساسية، فهل حكومة سمو رئيس الوزراء بحاجة لحماية ظهرها بمجلس الأمة قبل اتخاذها لتلك القرارات العاجلة والمستحقة؟
بالمقابل وفي قضايا أخرى، بدلاً من أن تقوم الحكومة بتعزيز العدالة والكفاءة في تعيين القياديين، أصدرت قراراً يجعل تعيين القياديين على اعتبارات تقديرية وغير قائمة على الكفاءة. وقد تقدمنا بمقترحات عديدة بشأن تنظيم تعيين القياديين لضمان وصول الكفاءات الإدارية لسدة القرار الإداري لإيماننا بأن ذلك يحقق المصالح العليا للوطن والصالح العام للمواطنين، وعلى الرغم مما انتهجته حكومة سمو رئيس الوزراء بتغيير القرار التنظيمي لتعيين القياديين –إذا ما اعتبرنا أن هدف هذا التغيير هو الاستعجال في إصدار قرارات التعيين– فما زالت جهات الدولة تعمل بالتكليف دون مراعاة لأثر هذه السياسة على المسائل والقضايا التي تحتاج لقرارات حاسمة ومفصلية، وهي قرارات لن يتخذها المسؤول بالتكليف مما يوقع بالضرر على جميع الأطراف المتعاملة. وفي ذات السياق، اتجهت سياسة الحكومة إلى إحالة قياديي العهد الفاسد للتقاعد دونما أي محاسبة على تجاوزاتهم، بل بإغرائهم بالمزايا المالية!
إن تخبط السياسات العامة للحكومة تفضي إلى سوء الإدارة التنفيذية للدولة، وهي المسؤول عنها مجلس الوزراء –ورئيسه بالضرورة– باعتباره المهيمن على مصالح الدولة كما قررت المادة (123) من الدستور. ولقد عانت الكويت لعقود من سوء الإدارة التنفيذية حتى بلغت مؤشراتها في المقاييس الدولية الحضيض، وهي تركة ثقيلة تتطلب من حكومة سمو رئيس مجلس الوزراء اتخاذ مبادرات عاجلة، إذ يؤدي استمرار سوء إدارة الدولة إلى استمرار انتشار الفساد الإداري و المالي والذي من المحال في ظل بقاء هذا الفساد وتمدده أن تحقق الدولة أي إصلاحات اقتصادية ومالية مرتقبة،
وقد أفاد 29 اكاديمي كويتي متخصص في علوم الإدارة والاقتصاد في دراستهم المعنونة (قبل فوات الأوان؛ رؤية صادقة لتصحيح المسار نحو اقتصاد عادل ومستدام) التالي: «يجب أن لا يتجاهل أي مشروع إصلاحي العلاقة الوثيقة بين تحقيق الرفاه الاقتصادي والعدالة الاجتماعية ومكافحة الفساد»، وهي بالضبط ما تجاهله برنامج حكومة سمو رئيس الوزراء، إذ لم يتضمن أي برامج ومشاريع تتعلق بمكافحة الفساد، فكيف والأمر على هذا النحو سيحقق الإصلاح الاقتصادي والمالي دونما الاستعجال بإقرار الإصلاحات الأساسية له كما بيناه أعلاه؟
علاوة على ما سبق، أعلن برنامج عمل الحكومة عن توجهها للدين العام والضرائب بأنواعها وزيادات الرسوم –والتي أقرتها حالياً في عدد من الوزارات– وهي توجهات لا يمكن قبولها دون وجود مجلس وزراء يملك الثقة الشعبية التامة ليخطو مثل هذه الخطوات، فكيف ستحقق حكومة سمو رئيس الوزراء مشاريعها تلك دونما السعي الجاد والعاجل للإصلاحات السياسية التي بيناها أعلاه؟ ودونما مواجهة عناصر الفساد والمفسدين داخل أجهزتها أو المستفيدين منها خارجها؟
«إننا على يقين بأن هنالك مخرجاً بديلاً للأزمة التي لا مفر من مواجهتها ولكننا معنيون بأن ننبه إلى أن المخرج لن يكون باستمرار السير على ذات النهج والبحث عن حلول جزئية قد تكون مفيدة ولكنها كالمسكنات التي تخفف الألم إلا أنها لا تعالج العلة» ]الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح رحمه الله[
المحور الثالث: التهرب من الإجابة على الأسئلة البرلمانية والتذرع بعدم دستوريتها:
إن الرقابة البرلمانية على أعمال السلطة التنفيذية رقابة مستمدة من الأمة وهي من صميم اختصاصات البرلمانات في العالم وأساس العمل الديمقراطي وهو ما نصت عليه المادة (٦) من الدستور «نظام الحكم في الكويت ديمقراطي السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعاً، وتكون ممارسة السيادة على النحو المبين بهذا الدستور»، ومما نصت عليه المادة (٩٩) من الدستور «لكل عضو من أعضاء مجلس الأمة أن يوجه إلى رئيس مجلس الوزراء وإلى الوزراء أسئلة لاستيضاح الأمور الداخلة في اختصاصاتهم..
« وشرحت المذكرة التفسيرية هذه المادة بأن «الأسئلة المنصوص عليها في هذه المادة، إنما توجه إلى رئيس مجلس الوزراء عن السياسية العامة للحكومة..»، وعرفت المحكمة الدستورية في القرار التفسيري رقم (٣) لسنة ٢٠٠٤ في شأن تفسير المادة (٩٩) من الدستور السؤال البرلماني «بوصفه أداة من أدوات الرقابة البرلمانية وسبيلاً لتتبع نشاط الحكومة، ووسيلة من وسائل ممارسة رقابة مجلس الأمة على أعمال الحكومة وتصرفاتها ومن مقتضيات النظام النيابي ومن خصائصه الجوهرية، ومستلزماته، الذي يقوم على أساسه نظام الحكم»،
كماقررتالمحكمةفيشأنتفسيرالمادة (٩٩) «ثانياً : أن المقصود بالسؤال البرلماني هو طلب بيانات أو استفهام عن أمر محدد يريد السائل الوقوف على حقيقته أو استفسار عن مسألة أو موضوع معين أو واقعة بذاتها أو استيضاح عن أمر مجهول أو مفروض أن السائل يجهله، أو توجيه نظر إلى أمر من الأمور، أو التحذير من تصرف ما ، أو لدرء خطر قد يتوقع حصوله.»، كما حذر القرار التفسيري أنه « لا يسوغ وضع قيد على إرادة عضو المجلس في استعمال هذا الحق فيما يرى الحاجه إليه ، والحصول على الإجابة المطلوبة، أو وضع العراقيل التي تحول بينه وبين استعماله لهذا الحق، أو تقييده على أي وجه من الوجوه، لما من شأن ذلك إفراغ الرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة وتصرفاتها – وهي جوهر المسئولية الوزارية – من مضمونها، وتعطيل حكم الدستور «.
إن تعطيل الأدوات الرقابية كتأجيل الاستجوابات المزمع تقديمها أو إحالتها إلى اللجنة التشريعية أو المحكمة الدستورية أو عدم الرد على الأسئلة البرلمانية والتذرع بعدم دستوريتها كما فعل سمو رئيس مجلس الوزراء بامتناعه عن الإفصاح عن سياساته العامة والقرارات التي اتخذها مجلس الوزراء عبر عدم الإجابة عن الأسئلة البرلمانية الموجهة له بذريعة عدم دستورية هذه الأسئلة، ومنها :
–سؤال النائب مهلهل المضف لسمو رئيس مجلس الوزراء في تاريخ ٢٦–٧–٢٠٢٣ بشأن السياسات العامة للحكومة والمعايير التي تستند عليها في شأن إلحاق الهيئات بالوزارة وصحة استقالة وزير المالية بسبب نقل تبعية الهيئة العامة للاستثمار لوزير آخر.
–سؤال النائب مهلهل المضف لسمو رئيس مجلس الوزراء في تاريخ ١٧–٨–٢٠٢٣ بشأن السياسة العامة التي تتبعها الحكومة في شأن ما ورد في الخطاب السامي حول تصحيح مسار المشهد السياسي والمبررات التي تستند عليها الحكومة في تطبيق سياستها العامة في شأن برنامج عملها.
–سؤال النائب / د. حسن جوهر لسمو رئيس مجلس الوزراء في تاريخ ٢٢–٨–٢٠٢٣ بشأن القرارات الصادرة من مجلس الوزراء للهيئة العامة للاستثمار التي عهد إليها تأسيس شركة أو شركات مساهمة يكون غرضها تطوير وتنفيذ المستودعات الحكومية تطبيقاً لحكم المادة رقم (١) من القانون رقم ٥ لسنة ٢٠٠٨ وذلك لتطوير المنطقة الاقتصادية الشمالية والمشاريع الحيوية التي تقام شمال البلاد والتي تعد هدفاً قائماً ومستمراً في السياسة العامة للحكومة سواء كانت في مرحلة التحضير أو التنفيذ لتحقيق رؤية الدولة في النمو الاقتصادي للحد من الاعتماد على النفط وتحسين بيئة الأعمال.
–سؤال النائب مهلهل المضف لسمو رئيس مجلس الوزراء في تاريخ ٢٤–٨–٢٠٢٣ بشأن السياسة العامة التي رسمها مجلس الوزراء في تسكين الوظائف القيادية بالوزارات والجهات الحكومية.
–سؤال النائب/ د. حسن جوهر لسمو رئيس مجلس الوزراء في تاريخ ٢٧–٨–٢٠٢٣ بشأن المبررات التي استندت عليها الحكومة في استبعاد بعض القضايا الواردة في برنامج عمل الحكومة السابق (٢٠٢٢/٢٠٢٦) وعدم ادراجها في البرنامج الحالي (2023/2027) والمبينة في الجدول التالي:
م البيان الأداة التشريعية
1 إعادة النظر في الرواتب الشهرية المبالغ فيها لعدد من المناصب في جهات حكومية. قرار
2 مراجعة تنظيم عدد المناصب التي يتولاها فرد واحد بشخصه أو بصفته. قرار
3 تنفيذ آليات قياس لأداء القياديين، لعرض نتائجه دورياً خلال السنة حتى لا يكون التقييم عند نهاية مدة مرسوم التعيين بعد ٤ سنوات. قرار
4 التخطيط والتنفيذ لتأهيل القيادات في الجهات العامة. مرسوم
–سؤال النائب / د. حسن جوهر لسمو رئيس مجلس الوزراء في تاريخ ٥–٩–٢٠٢٣ بشأن القواعد والأحكام التي قررها مجلس الوزراء برئاسة سمو رئيس مجلس الوزراء في إعادة النظر في مستوى المرتبات والمعاشات التقاعدية على ضوء زيادة نفقات المعيشة إنفاذاً لنص المادة (٤) من القانون رقم (٤٩) لسنة ١٩٨٢ في شأن زيادة مرتبات الموظفين المدنيين والعسكريين وزيادة المعاشات للمتقاعدين وتعديل بعض أحكام قانون ونظام الخدمة المدنية التي نصت على « يعاد النظر كل سنتين على الأكثر من تاريخ العمل بهذا القانون في مستوى المرتبات والمعاشات التقاعدية على ضوء زيادة نفقات المعيشة ، وذلك وفقاً للقواعد والأحكام التي يقررها مجلس الوزراء « وذلك لإنجاز مستهدف لضمان رفاه مستدام وتعزيز الحياة الكريمة في الضمان الاجتماعي في برنامج عمل الحكومة ( ٢٠٢٣/ ٢٠٢٧ )
–سؤال النائب / د. حسن جوهر لسمو رئيس مجلس الوزراء في تاريخ١١ –٩–٢٠٢٣ بشأن القواعد والأسس التي أصدرها مجلس الوزراء برئاسة سمو رئيس المجلس الوزراء في شأن التنسيق والتعاون بين الوزارات والهيئات العامة والإدارات المستقلة نفاذاً للمادة رقم (٣) من المرسوم بالقانون رقم (١١٦) لسنة ١٩٩٢ في شأن التنظيم الإداري وتحديد الاختصاصات والتفويض فيها.
–سؤال النائب / د. حسن جوهر لسمو رئيس مجلس الوزراء في تاريخ ١٢–٩–٢٠٢٣ بشأن استفسارات بشأن أسباب موافقة رئيس مجلس الوزراء لوزير المالية بتنفيذ السياسة العامة للحكومة فيما يتعلق بشؤون وزارته من خلال اصدار مجلس الوزراء قراره رقم (٩٨٥) بتكليف نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون مجلس الأمة باستعجال نظر مشروعي القانون بشأن الضريبة الانتقائية وضريبة القيمة المضافة رغم عدم ورودها ضمن المتطلبات التشريعية في برنامج عمل الحكومة.
– سؤال النائب / أسامة الزيد لسمو رئيس مجلس الوزراء في تاريخ ١٤–٩–٢٠٢٣ بشأن ترتيب دولة الكويت على مؤشر الأمن الغذائي العالمي لآخر خمس سنوات والأسباب التي أدت إلى تدهور تصنيف دولة الكويت وتراجعها عالمياً وعربياً في عام ٢٠٢٢ بعدما كانت في الصدارة.
–سؤال النائب / جراح الفوزان لسمو رئيس مجلس الوزراء في تاريخ ٢٠–٩–٢٠٢٣ بشأن الآلية المتبعة في اختيار شاغلي الوظائف القيادية و خطة تسكين الوظائف القيادية.
–سؤال النائب / د. عبدالهادي العجمي لسمو رئيس مجلس الوزراء في تاريخ ٨–١٠–٢٠٢٣ بشأن الأخطاء والشبهات بين أمين مجلس الجامعات الحكومية السابق (وزير التربية ووزير التعليم العالي والبحث العلمي الحالي) ومدير الجامعة بالإنابة آنذاك وعن الاطلاع بخلفيات موضوع ترقية أمين مجلس الجامعات الحكومية قبل اختياره وزيراً للتربية والتعليم و البحث العلمي.
–سؤال النائب مهلهل المضف لسمو رئيس مجلس الوزراء في تاريخ ١٠–١٠–٢٠٢٣ بشأن السياسة العامة التي سيتبعها سمو رئيس مجلس الوزراء لتطبيق ما جاء في مضامين الخطاب السامي.
–سؤال النائب / جراح الفوزان لسمو رئيس مجلس الوزراء في تاريخ ١٥–١٠–٢٠٢٣ بشأن مشروع البديل الاستراتيجي والمرحلة التي وصل اليها والفئات التي سيشملها المشروع وعدد المستفيدين.
وعلى الرغم أنه منذ بداية العمل بالدستور كان رئيس مجلس الوزراء وولي العهد المغفور له الشيخ صباح السالم الصباح يتفاعل مع جميع الأسئلة البرلمانية الموجهة له ويجاوب بنفسه على الأسئلة ولم يتذرع بعدم دستوريتها إلا أن هذه الممارسات العبثية بدأت مع العهد السابق والتي أدت إلى تعطيل اختصاصات المجلس في ممارسة رقابته دستورياً على أعمال السلطة التنفيذية وتعطيل حق الأمة في الرقابة على أداءها وهو ما قام به سمو رئيس مجلس الوزراء والذي خالف به توجيهات الخطاب السامي الذي وجه به سمو الأمير بتعزيز الدور الرقابي للسلطة التشريعية.
إن القطرة الذي أفاضت الكأس هي عدم التزام سمو رئيس مجلس الوزراء بالرد على الأسئلة البرلمانية، وهو حنث بالقسم الدستوري وسلوك أعوج وهروب من المسؤولية لا يستقيم أن يصدر من رئيس السلطة المهيمنة على مصالح دولةٍ نظام الحكم فيها ديمقراطي السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعاً، مما يؤكد صحة قرار مساءلة سمو رئيس مجلس الوزراء انتصاراً للدستور ودفاعاً عن حق الأمة والسلطة التشريعية في الرقابة.
وهدياً على ما سبق فإنه غني عن البيان الأفعال التي جرتنا الحكومة إليها، وأصبح معها بالضرورة إيقافها ومحاسبتها، حيث أنها قد باغتت في مراحل وناورت في أخرى فقط من أجل شراء الوقت دون أي تعاون في سبيل تطبيق الإصلاح السياسي، فقد تخاذلت منذ بداية المجلس في أبداء رأيها داخل اللجان على قوانين جاهزة ومنتهيه أشبعت نقاشاً ودراسة، الأمر الذي حال دون استكمال الدورة المستندية للقوانين حسب نصوص اللائحة وعدم استعجالها،
كما لم تضمّن الحكومة في برنامجها مشاريع الإصلاح السياسي مثل القوائم الانتخابية والتمثيل النسبي وعدالة توزيع الدوائر والجماعات السياسية بالإضافة إلى انعدام مبادراتها بشأن البديل الاستراتيجي وتحسين معيشة المواطنين وقوانين حماية الأموال العامة ومكافحة الفساد،
إضافة إلى المأخذ الجسيم في استبعاد الحكومة في برنامجها الحالي بند الاتجاهات التنفيذية الذي يتطلب « وجود برنامج حكومي يستجيب لتوجهات مجلس الأمة» مما خالفت فيه توجيهات القيادة السياسية في خطاباتها الأمر الذي يلقي بالمسؤولية السياسية على رئيس السلطة التنفيذية كونه المسؤول عن السياسات العامة للحكومة.
وانطلاقاً مما سبق فإنني أتوجه بهذا الاستجواب إلى سمو رئيس مجلس الوزراء/ بصفته.
مـقــدم الاسـتـجـواب
عـضو مجلس الأمـة
مهلهل خالد المضف