النص الكامل لـ منطوق حكم المحكمة الدستورية برفض الطعن المقدم من الحكومة في قانون الإنتخاب

فيديو تقرير قناة الجزيرة عن الحكم :

رابط

1

2

3

4

5

حكمت المحكمة الدستورية اليوم الثلاثاء برفض الطعن الحكومي بقانون الدوائر الانتخابية، مشيرة في حيثيات الحكم أن “المحكمة لا تملك الزام المشرع بتحديد عدد الدوائر الانتخابية او تقسيمها على نحو معين”. وفيما يلي نص حيثيات الحكم:

حيث ان حاصل الوقائع – حسبما يبين من الاوراق – انه بناء على قرار مجلس الوزراء رقم 2012/892 المتخذ في اجتماعه رقم 42 – 2012/2 بتاريخ 2012/8/13 في شأن طلب الطعن بعدم دستورية المادتين (الاولى) و(الثانية) من القانون رقم (42) لسنة 2006 باعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الامة، وعرض هذا الطلب على المحكمة الدستورية، وتكليف ادارة الفتوى والتشريع باتخاذ اجراءات اعداده وافراغه في الصيغة القانونية وايداعه ادارة كتاب هذه المحكمة، بعد توقيعه من وزير العدل والشؤون القانونية، ووزير الدولة لشئون مجلس الوزراء، اودعت ادارة الفتوى والتشريع طلب الطعن ادارة كتاب هذه المحكمة بتاريخ 2012/8/16، حيث تم قيده في سجلها برقم (26) لسنة 2012 “دستوري”، وقد تضمن هذا الطلب الاشارة الى ان تقديمه قد جاء استنادا الى نص المادة (173) من الدستور الذي كفل للحكومة الحق في الطعن بعدم دستورية التشريعات، ونص البند (أ) من المادة الرابعة من قانون انشاء هذه المحكمة رقم (14) لسنة 1973 الذي اجاز لمجلس الوزراء – بطلب منه – رفع الطعن المباشر بعدم الدستورية امام هذه المحكمة، ووفق الاجراءات المنصوص عليها في المادة (3) من لائحتها، كما اشار طلب الطعن الى الاسباب والدوافع التي دعت مجلس الوزراء الى تقديمه، مشتملا الطلب على بيان اوجه مخالفة هاتين المادتين لنصوص الدستور، وحاصلها انه وان كان القانون رقم (42) لسنة 2006 سالف الذكر قد استهدف بتقريره لنظام الدوائر الخمس معالجة اوجه الخلل والقصور والسلبيات التي كانت تشوب النظام الانتخابي السابق (25 دائرة)، الا انه قد تبين من واقع التطبيق العملي لاحكام المادتين – محل الطعن – ومن خلال الممارسة الفعلية للانتخابات البرلمانية التي اجريت على اساسها، مايلي:

أولا: ان تحديد الدوائر الانتخابية على النحو الوارد بالمادة الاولى من القانون المذكور ووفق الجدول المرافق له لم يكن متوازنا، نظرا للتفاوت بين عدد الناخبين في هذه الدوائر، اذ بلغ اجمالي عدد الناخبين في الدائرة الاولى (74876) ناخبا، بينما بلغ في الدائرة الثانية (47772) ناخبا، والدائرة الثالثة (73065) ناخبا، والدائرة الرابعغة (108395) ناخبا، والدائرة الخامسة (118461) ناخبا، وكان من شأن هذا التفاوت على هذا الوجه ان تفاوت الوزن النسبي لصوت الناخب في كل منها، بحيث صار للناخبين في الدوائر الانتخابية الاكثر كثافة اصوات وزنها اقل من وزن اصوات الناخبين في الدوائر الاقل.

ثانيا: انه وعلى الرغم من هذا التفاوت بين عدد الناخبين في الدوائر الخمس، فان كل دائرة ممثلة بذات العدد من النواب في مجلس الامة وذبك بغض النظر عن اختلاف حجم الدائرة، ودون تناسب بين عدد النواب وعدد الناخبين في كل دائرة مهما كبرت او صغرت.

ثالثا: ان الجدول المرافق للقانون قد اغفل ادخال بعض المناطق السكنية ضمن اي من هذه الدوائر الانتخابية، وعلى سبيل المثال مناطق النهضة وجابر الاحمد وابو فطيرة وانجفه والشويخ الصناعية والشويخ الصحية، مما حرم المواطنين المقيمين فيها من ممارسة حقوقهم السياسية في اختيار ممثليهم في مجلس الامة.

رابعا: نص المادة الثانية من القانون المشار اليه بتحديده لعدد المرشحين الذين يستطيع كل ناخب ان يصوت لهم وذلك بما لا يزيد على اربعة مرشحين، قد ادى الى استغلال سلبياته في مخالفات انتخابية اسفرت عن نتائج لا تمثل المجتمع الكويتي تمثيلا صحيحا.

وقد طلب مجلس الوزراء – بناء على ما تقدم – الحكم بعدم دستورية المادتين (الاولى) و(الثانية) من القانون رقم (42) لسنة 2006 باعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الامة، لاخلالهما بمبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص والنيل من صحة وسلامة تمثيل الامة في مجلسها النيابي بالمخالفة للمواد (7) و(8) و(29) و(108) من الدستور.

هذا وقد ارفق بطلب الطعن حافظة مستندات طويت على صورة ضوئية من الكتاب الموجه من الامين العام لمجلس الوزراء الى رئيس ادارة الفتوى والتشريع برقم 10/1 – 4999) بتاريخ 2012/8/15 في شأن قرار مجلس الوزراء رقم (982) المتخذ في اجتماعه رقم 42 -/2012/2) المنعقد بتاريخ 2012/8/13، وصورة ضوئية من خريطة جغرافية ملونة للدوائر الانتخابية الخمس والمناطق التي تتكون منها كل دائرة، وصورة ضوئية من بيان يشمل عدد المقيدين في جداول الانتخاب في كل دائرة من هذه الدوائر وفق آخر تعديل عام 2012.

وقد نظرت المحكمة طلب الطعن بجلسة 2012/9/5 على النحو الثابت بمحضرها وقررت اصدار الحكم بجلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق، وسماع الايضاحات، وبعد الداولة. حيث ان طلب الطعن قد استوفى اجراءاته الشكلية المقررة قانونا.
وحيث انه يتعين – بادئ ذي بدء – وجوب الاشارةالى ما يلي:

اولا: ان الطلب الماثل ليس طلبا للتفسير بشأنه المحكمة خلافا بين اطرافه حول تفسير نص في الدستور، وانما هو طعن مباشر بعدم الدستورية مرفوع بطلب من مجلس الوزراء طبقا للبند (أ) من المادة الرابعة من قانون انشاء المحكمة.

وجدير بالذكر في هذا المقام ان المشرع في تحديده لطرق استنهاض اختصاص هذه المحكمة والذي اورده بنص هذه المادة استعمل لفظ “المنازعات” بمعنى “الخصومات” بما يتسع هذا المعنى لشمول الدعاوى والطعون ايضا التي ترفع امام هذه المحكمة.

ومن المقرر – وعلى ما جرى به قضاؤها – ان الخصومة في مثل هذا الطعن عينية موجهة اصلام الى النص التشريعي المطعون فيه بعدم الدستورية، مناطها هو اختصام ذلك النص في ذاته استهدافا لمراقبته والتحقق من مدى موافقته للدستور، والطعن بهذه المثابة – وبحسب طبيعته الخاصة – ليس طعنا بين خصوم، ولكنه طعن ضد النص التشريعي المطعون عليه، وبالتالي فلا يتصور لا واقعا ولا قانونا جواز التدخل اختصاميا او انضماميا في ذلك الطعن، او القول بامكان المحكمة ادخال مجلس الامة خصما في الطعون الموجهة اصلا الى التشريعات التي يكون المجلس قد اقرها او وافق عليها للدفاع عن سلامتها، او ليصدر الحكم في مواجهته، باعتبار ان الاحكام الصادرة عن هذه المحكمة لها حجية مطلقة في مواجهة الكافة وجميع سلطات الدولة.

ثانيا: ان رقابة الدستورية التي تباشرها هذه المحكمة يقف مجالها عند حد التحقق من مدى موافقة التشريع المطعون عليه لاحكام الدستور، وهي رقابة لها طبيعة قانونية لا جدال فيها، وبالتالي فلا يسوغ التحدي بان التشريع الذي تراقب المحكمة دستوريته – مهما بلغت اهميته وابعاده وآثاره – يعتبر عملا سياسيا، او ان في استنهاض اخصاصها اقحام لها في المجال السياسي، او التحدي بمعاملة تشريع معين باعتباره من الحقوق الثابتة لاي من السلطتين التشريعية والتنفيذية لا يجوز نقضه، اذ ان من شأن ذلك ان يفرغ رقابة الدستورية من مضمونها، بل يجردها من كل معنى ويفضي الى عدم خضوع اي عمل تشريعي لرقابة الدستورية، وهو امر لا يستقيم – في فهم القانون – القول به، فجهة الرقابة على الشرعية الدستورية لا تتخلى عن مسؤوليتها، ملتزمة بأداء وظيفتها القضائية التي اولاها اياها الدستور، باعتبارها الحارسة على احكامه، تدعيما لمبدأ سيادة الدستور بوصفه المعبر عن ارادة الامة، ضمانا لصون الدستور والحفاظ على كيانه.

ثالثا: ان الدستور وقد رسم لكل سلطة من السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية حدود اختصاصها ووظائفها وصلاحياتها، لم يجعل اي سلطة منها تعلو على الاخرى، فجميع هذه السلطات خاضعة للدستور، وكل سلطة تستمد كيانها واختصاصها من القواعد التي رسمها لها الدستور، ولا يجوز لها بالتالي الخروج عن احكامه، ولا صحة في القول بان التشريعات التي تصدرها السلطات التشريعية محصنة وراء تعبيرها عن ارادة الامة، ولا هي صاحبة السيادة في الدولة، فالسيادة هي للامة طبقا لصريح نص المادة (6) منه، وارادتها جرى التعبير عنها في الدستور، اما عن النص الوارد في المادة (108) من الدستور بان عضو المجلس يمثل الامة بأسرها، فمعناه ان يكون عضو المجلس مستقلا كل الاستقلال عن ناخبيه، وليس اسيرا لمؤيديه من ابناء دائرته، تابعا لهم يرعى مصالحهم الخاصة البحتة، وانما يرعى المصلحة العامة، دون تجاوز هذا المعنى.

رابعا: هذه المحكمة مقيدة في قضائها بنطاق الطعن المطروح عليها، والمناط في اعمال رقابتها الدستورية – وحسبما استقر عليه قضاؤها – ان يكون اساس الطعن هو مخالفة النصوص التشريعية المطعون عليها لنص في الدستور، ولا شأن للمحكمة في بحث مدى ملاءمة هذه النصوص، ولا ما ظهر فيها من قصور ومثالب من جراء تطبيقها، ولا بالادعاء بان تلك النصوص لم تؤت اكلها وتحقق غاياتها، فهذه الامور قد يستدعي معها النظر في تعديلها اذا كانت غير وافية بالمرام وذلك بالاداة الاقنونية المقررة طبقا للدستور، بيد انها لا تصلح ان تكون سببا للطعن عليها بعدم الدستورية لخروج ذلك عن مجال الرقابة القضائية لهذه المحكمة.

وحيث ان المادة الاولى من القانون رقم (42) لسنة 2006 باعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الامة تنص على ان “تقسم الكويت الى خمس دوائر انتخابية لعضوية مجلس الامة طبقا للجدول المرافق لهذا القانون”.

كما تنص المادة (الثانية) من ذات القانون على ان “تنتخب كل دائرة عشرة اعضاء للمجلس، على ان يكون لكل ناخب حق الادلاء بصوته لاربعة من المرشحين في الدائرة المقيد فيها، ويعتبر باطلا التصويت لاكثر من هذا العدد”.

وقد تكفل الجدول المرافق للقانون ببيان المناطق التي تتكون منها كل دائرة انتخابية من الدوائر الخمس.

وحيث ان الثابت من طعن الحكومة انه قد انصب نطاقه على نص المادتين سالفتي الذكر، وذلك فيما تضمنتاه من تحديد الدوائر الانتخابية، ونطاق كل دائرة ومكوناتها، وعدد الاعضاء الممثلين لها في مجلس الامة، وعدد المرشحين الذين يجوز للناخب الادلاء بصوته لهم، وعلى اغفال الجدول المرافق للقانون ادخال بعض المناطق في اي من هذه الدوائر، بمقولة ان هاتين المادتين المطعون عليهما قد اخلتا بمبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، وهو ما انعكس اثره سلبا على صحة وسلامة تمثيل الامة في مجلسها النيابي بالمخالفة للمواد (7) و(8) و(29) و(108) من الدستور، مستهدفة الحكومة بطعنها القضاء بعدم دستورية نص المادتين سالفتي الذكر برمتها.

وحيث ان الطعن الماثل – وقد تحدد نطاقه على هذا النحو – وكان الدستور الكويتي لم يحدد الدوائر الانتخابية التي يقسم اليها اقليم الدولة، ولم يضع قيودا في شأن تحديد عددها، ولا في عدد النواب الممثلين لكل دائرة منها في مجلس الامة، وانما ترك ذلك للمشروع يجريه بما له من سلطة تقديرية في هذا الشأن، واكتفى الدستور بالنص في المادة (81) منه على ان “تحدد الدوائر الانتخابية بقانون”، اي بتشريع يتناول تحديد هذه الدوائر، وهي اما ان تقوم على اساس عدد السكان، واما ان تكون على اساس جغرافي، ويساند ذلك ما جاء بمناقشات المجلس التأسيسي في هذا الصدد ابان اعداد الدستور في مراحله الاولى التي تلقي بظلالها على تأكيد هذا المفاد.

لما كان ذلك، وكانت هذه المحكمة لا تملك الزام المشرع بتحديد عدد الدوائر الانتخابية او تقسيمها على نحو معين، وبالتالي فانه ليس من شأن تحديد القانون في (المادة الاولى) منه الدوائر الانتخابية بخمس دوائر ان يشكل – في حد ثاته – مخالفة لنس الدستور، فضلا عن ان العبارة التي استهل بها النص على ان “تحدد الدوائر…” تنصرف الى تحديدالتخوم بين دائرة واخرى بما يفيد تعددها، وهذه المحكمة مجردة من الوسائل القضائية التي تعيد بها تحديد هذه الدوائر ومكونات كل دائرة منها بادخال المناطق المقول بان الجدول المرافق للقانون قد اغفل ادراجها ضمن اي من الدوائر الانتخابية المشار اليها. هذا وقد لاحظت المحكمة من استعراضها للمراحل التشريعية التي مر بها تحديد الدوائر الانتخابية ان الاسباب والدوافع التي اشارت اليها الحكومة في طلب الطعن الماثل لا تعدو ان تكون هي ذات الاسباب والدوافع التي اشارت اليها المذكرات الايضاحية للقوانين المتعاقبة الصادرة في هذا الشأن، والتي اقتضى معها النظر في تعديل تحديد الدوائر اكثر من مرة، كان آخرها القانون رقم (42) لسنة 2006 المشار اليه الذي صدر بعد ان وافق عليه مجلس الامة.

اما بالنسبة الى ما اثارته الحكومة في طلب الطعن متعلقا بنظام التصويت في كل دائرة بما لا يتجاوز اربعة مرشحين، والذي ورد النص عليه في (المادة الثانية) من القانون سالف الذكر بمقولة ان هذا النظام قد تم استغلاله في ارتكاب مخالفات انتخابية وانه قد اسفر تطبيقه عن اوجه قصور وظهور سلبيات ونتائج لم تعبر بصدق عن طبيعة المجتمع الكويتي وتمثيله تمثيلا صحيحا، فان ما ذكرته الحكومة في هذا السياق على النحو الوارد باسباب الطعن لا يكشف بذاته عن عيب دستوري، ولا يصلح سببا بهذه المثابة للطعن بعدم الدستورية لانحسار رقابة هذه المحكمة عنه.

كما لا وجه لما تثيره الحكومة من ان القانون في تحديده لمكونات كل دائرة وانه كان من شأن هذا التفاوت على النحو الوارد به ان تفاوت الوزن السنبي لصوت الناخب في كل منها، بحيث صارت للناخبين في الدوائر الانتخابية الاكثر كثافة اصوات في ذلك على بيان احصائي جرى عام 2012، اذ انه فضلا عن ان المساواة المقصودة ليست هي المساواة المطلقة او المساواة الحسابية، فانه لا يسوغ في مقام الوقوف على مدى دستورية القانون التحدي بواقع متغير لتعييب القانون توصلا الى القضاء بعدم دستوريته.
وترتيبا على ما تقدم، يكون الطعن على غير اساس حريا برفضه.

فلهذه الاسباب حكمت المحكمة برفض الطعن.

قد يعجبك ايضا
تعليق 1
  1. الى الاستاذ الفاضل ،
    تحية الحق والعروبة ،

    ان نظام تقسم الدوائر له اساسيات سكانية . يجب اتخاذها ، ثم بعد ذلك تقسم الى دوائر انتخابية . والاساسيات يجب ان يتم ممارستها عمليا وتطبيقيا. مع التحية

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق