فيديو: مشهد تمثيلي لـ لقاء “الخاتون مس بيل” بحاكم حائل “ابن رشيد” في فيلم (ملكة الصحراء)

نيكول كيدمان في فيلمها «ملكة الصحراء»، حين رفضت أن تكون عيناً للمخابرات البريطانية على البلاد العربية، بل حين نادت بأن تمنح بريطانيا الحرية للشعوب العربية متغزلة بإيقاع حياتها البدوي؛ ذلك أن كيدمان على أرض الواقع تعدّ من أشهر المؤازرين لكيان الاحتلال الإسرائيلي، بل والداعمين له مادياً تحديداً بعد حرب العام 2006، وما صلواتها هناك واستغراقها مع حكومة الاحتلال سوى مثال بسيط على ذلك. ما يجعل المتلقي يتساءل: كيف لدعاة الإنسانية أن يكيلوا بمكيالين، وكيف لمن يتشدّق بحب العرب وحقهم في الحرية أن يُسقِط قضية فلسطين من حساباته المزعومة؟
ومن منظور تاريخي، كيف للمتلقي أن يكون بهذه السذاجة، فيصدّق ما ساقه مخرج الفيلم فرنر هرتزوغ، عن كون بطلة القصة الحقيقية جيرترود بيل، لم تكن تابعة لأحد، بل مجرد رحّالة يحذوها الفضول لاكتشاف العالم العربي والصحراء، فيما هي من رسمت الحدود بين هذه الدول، بعد عودتها لمملكتها، وهي من زكّى ابن سعود لحُكم شبه الجزيرة العربية؟ في الفيلم، يتم إلباس المستعمر والمستشرق لبوساً رومنسياً مثقفاً؛ إذ تظهر كيدمان بالحجاب، متحدثة بالعربية والفارسية، ومنشدة الأشعار ومعجبة بعمر الخيّام، مفتونة بجغرافيا الصحراء ومنطقتيّ البتراء ووادي الموجب وشهامة البدو وكرمهم وروابطهم العائلية، مستخدمة السيرة النبوية وغيرها من إلماحات إسلامية أثناء التواصل مع العرب، بل للخلاص من المواقف السيئة معهم مثلما حصل معها حين التقت بابن رشيد فوجدته يكاد يرغمها على الزواج منه ما دفعها لتذكيره بالسيرة النبوية التي تمنع الاقتراب من امرأة متزوجة. إلى جانب التصوير بعين الدهشة لعوالم الرقص والموسيقى العربية والحناء والأزياء الشرقية. ومعلوم أن سبر غور عوالم الشرق يعدّ وصفة نجاح مضمونة سينمائياً في الأعوام الأخيرة، وهو ما تنبّهت إليه هوليود فتنطّحت لتناوله من خلال أجنداتها الخاصة.
ما سبق، لم يمنع الوخزات في خاصرة العرب والبدو، الذين حلّت عليهم بيل ودخلت قصور حُكمهم وكانت ترسل التقارير عنهم تباعاً بحجة كتابة المذكرات، فجاء الغمز واللمز في بيروقراطية الدول العربية واعتمادهم التزوير، وجعل المسجد في مرات مصدراً لهذا التزوير؛ لكونه مركزاً للتعامل الإداري والاجتماعي للمسلمين في ذلك الحين، عدا عن تسمية الخيل المسروق بصلاح الدين، وإيراد اعتقاد سائد بأن الدروز قتلة لكل من يأتي أمامهم من رجال أو نساء أو أطفال، وإن كان المخرج قد حاول إظهار خطأ الاعتقاد من خلال تصوير قائد الدروز بمن يتحدث الفرنسية ويعشق الشِعر، بيد أن صورة الدروز أنفسهم بقيت غائمة خلال الفيلم. إلى جانب كون العمل، الذي رُصِدت له ميزانية ضخمة زادت عن الثلاثين مليون دولار، والذي أفلح في انتزاع اعتراف المشاهد ببراعة السينوغرافيا فيه، كان مليئاً ببعض المغالطات من قبيل الخلط بين لهجات العرب وأطباقهم وأزيائهم.
إيراد المخرج عبارة في نهاية الفيلم يزعم فيها بأن القبائل البدوية ما تزال تذكر بيل كامرأة وحيدة فهمتهم جيداً، إلى جانب مقولة بيل، التي جاءت في الفيلم على لسان كيدمان، بأن تشرشل يحاول نسب المجد لنفسه فيما هو من صنيعة الشعوب العربية التي تشهد صحوة سياسية، لا تكفيان لتبييض الصفحة المعتمة لكلا الشخصيتين: بيل وكيدمان؛ ذلك أن الحرية منظومة واحدة، منذ قديم الأزل وحتى اللحظة. (الدستور)
قد يعجبك ايضا

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق