فيديو: عامان على مجزرتي رابعة العدوية و النهضة في مصر

420

– الفيديو:

الجزيرة: قد يبدو يوم 14 أغسطس 2013 بعيدا في مدونة الأحداث المزدحمة بمصر، لكنه وشم بالدم في ذاكرة ميدان رابعة العدوية بالقاهرة وفي ذاكرة المئات ممن فقدوا ذويهم عندما أقدمت قوات الأمن على فض اعتصام سلمي يرفض إطاحة المؤسسة العسكرية بأول رئيس منتخب للبلاد.

Picture1

تتواتر روايات كثيرة بشأن تفاصيل ما جرى في اليوم الدامي وعدد القتلى والجرحى والمعتقلين وهوياتهم ومرجعياتهم، لكن الإجماع يكاد يكون حاصلا بأن المشهد العام كان “جحيميا” حيث “تحركت الجرافات من كل الاتجاهات، وأمطرت السماء رصاصا وغازات، وسقط القتلى بالمئات واعتقل الآلاف” وفق شهادات كثيرة.

بذلت السلطات المصرية ما في وسعها لطمس معالم المكان الذي لا يزال شاهدا في نظر هيئات حقوقية كثيرة على مجزرة حقيقية شكلت بداية مسلسل طويل من القتل والتنكيل لا تزال فصوله متوالية بأساليب مختلفة.

وتصف بعض الهيئات ما جرى هناك بأنه “على الأرجح جرائم ضد الإنسانية، وأخطر حوادث القتل الجماعي غير المشروع في التاريخ المصري الحديث”.

420 (3)

بدأ مسلسل طمس معالم المكان ورمزيته قبل المجزرة من خلال حملات إعلامية تشوه من احتشدوا فيه متمسكين الشرعية ورافضين للانقلاب، وتواصل المسلسل بتغيير معالمه وهندسته وشكله وانتهى بتغيير اسمه إلى ميدان المدعي العام هشام بركات الذي لقي مصرعه في يونيو/حزيران الماضي بتفجير سيارة مفخخة.

في مقابل مساعي النظام المصري الحالي لطي صفحة المذبحة وقبرها تتواصل الجهود داخليا وخارجيا على مستويات إعلامية وحقوقية وسياسية وأهلية كي لا تضيع حقوق القتلى والمعتقلين والجرحى، وكي لا يبقى مقترفو المذبحة في حل مما سال من دماء.

420 (1)

ومع حلول الذكرى الثانية لتلك المذبحة تتواصل حملات المعسكرين في الاتجاهين المقابلين، فالطرف الأول خطط لحملات واسعة على عدة جبهات كي لا تدخل المذبحة في دائرة النسيان وكي لا يبقى منفذوها سائرين في ركب القتل والترهيب، أما الطرف الثاني فلا يزال ماضيا في مسلسل إخفاء الحقيقة وشيطنة رموز ذلك الميدان ممن لا يزالون على قيد الحياة بأدوات وأسلحة متعددة، على رأسها الإعلام والقضاء.

لعل ذاكرة المصريين لا تعرف يوما أقسى ولا أدمى من يوم مجزرة فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة المؤيدين لشرعية الرئيس المعزول محمد مرسيفي 14 أغسطس/آب 2013، ذلك اليوم الذي اختلط فيه البكاء بالدماء، ورائحة الغاز بالهواء، وأنات المصابين بأصوات الجرافات، ووصف ما وقع فيه بـ”أكبر مقتلة عرفها التاريخ العربي المعاصر”.

فنظام الانقلاب العسكري لم يكتف بمنع المعتصمين من حق “اختيار الرئيس”، ولكنه انتزع منهم “حق الاعتصام السلمي” بعدما اقتحمت قوات الأمن والجيش ميدان رابعة بعد 48 يوما من الاعتصام لتجعل الاعتصام بمن فيه وما فيه أثرا بعد عين.

420 (4)

ماذا حدث؟
أعلنت وزارة الداخلية المصرية في بيان رسمي أنه “إنفاذا لتكليف الحكومة باتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، وانطلاقا من المسؤولية الوطنية للوزارة في الحفاظ على أمن الوطن والمواطنين فقد قامت الأجهزة الأمنية باتخاذ الإجراءات اللازمة لفض الاعتصامين”. وأضافت أنه “سيسمح بالخروج الآمن من خلال المنافذ المحددة”.

ورغم هذه التأكيدات كان تعامل قوات الأمن والجيش عنيفا جدا، مما أدى لسقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى، ففي الساعة السادسة والنصف صباحا قامت قوات الأمن والجيش مصحوبة بعدد كبير من الجرافات المجنزرة والآليات العسكرية المدرعة بالتوجه إلى ميدان رابعة العدوية وحاصرته من كافة الجهات، واعتلى القناصة أسطح البنايات المحيطة بالميدان، وأخذت الطائرات المروحية تطوف أعلى محيط الاعتصام، ثم بدأت الجرافات بالتقدم فتحرك المعتصمون وحاولوا إيقافها بوضع العوائق البسيطة أمامهم إلا أن قوات الجيش والشرطة أمطرتهم بطلقات الرصاص الحي والخرطوش والغاز المدمع بكثافة شديدة أوقعت الكثير من القتلى والمصابين.

ومع توالي سقوط القتلى والجرحى أقام الأطباء مستشفيات ميدانية رفعوا عليها أعلاما كتب عليها “مستشفى ميداني”، وبعد نصف ساعة من بدء الفض انسحبت سيارات الإسعاف من الميدان بالكامل بعد أوامر صدرت لها من وزارة الصحة إلا سيارة واحدة رفضت الخروج من الميدان واستمرت في نقل المصابين والقتلى إلى المستشفيات الميدانية بعون بعض الدراجات البخارية والسيارات المدنية إلى أن تم قنص المسعف قائد السيارة برصاصة حية في الرأس.

تواصل القتل من كل مداخل الميدان، ثم بدأ ضرب النيران المباشر تجاه نقاط المستشفيات الميدانية وإصابة الأطباء بشكل مباشر، وكذلك تم استهداف الصحفيين وكل من يحمل كاميرا، واستمر تقدم القوات المشاركة في الفض بشكل بطيء إلى أن وصلت إلى المستشفى الميداني الرئيسية واقتحمته ثم بدأت بقتل بعض المصابين أمام ذويهم وقتل بعض الأطباء الذين رفضوا ترك المصابين، وبذلك سيطرت قوات الأمن والجيش على الميدان بالكامل ثم قامت بإشعال النيران في كافة الخيام حتى التي كانت تحوي مصابين، مما أدى إلى قتلهم حرقا، كما أشعلت النيران بالمستشفى الميداني، وأحرقت عددا آخر من الجثث.

آلاف الضحايا
واختلفت التقديرات بشأن عدد القتلى والمصابين، حيث جاء تقرير وزارة الصحة المصرية بـ670 قتيلا ونحو 4400 مصاب.

ووثق كتاب “مجزرة رابعة بين الرواية والتوثيق” 802 قتيل، أما موقع “ويكي ثورة” المستقل فأعلن أنه وثق أسماء 932 قتيلا، وأن هناك 133 قتيلا آخر تم حصرهم بلا وثائق رسمية، إضافة إلى 29 قتيلا مجهول الهوية، وثمانين جثة مجهولة البيانات في مستشفيات وزارة الصحة، و81 حالة وفاة جرى الحديث عنها دون توفر بيانات كافية عنها، لكن المرصد المصري للحقوق والحريات وثق 1162 قتيلا، وأورد على موقعه قائمة كاملة بأسمائهم وأعمارهم وعناوينهم.

من جهتها، وصفت منظمة “هيومن رايتس ووتش” ما حدث بأنه “على الأرجح جرائم ضد الإنسانية، وأخطر حوادث القتل الجماعي غير المشروع في التاريخ المصري الحديث”.

وقال المدير التنفيذي للمنظمة كينيث روث في تقرير بعنوان “حسب الخطة.. مذبحة رابعة والقتل الجماعي للمتظاهرين في مصر” إن “هذه ليست مجرد حالة استخدام مفرط للقوة أو سوء تدريب، بل كان قمعا عنيفا جرى إعداده على أعلى مستوى من الحكومة المصرية”.

ونقل التقرير شهادات ناجين فقال أحدهم “كانت السماء تمطر رصاصا، ورائحة الغاز المدمع منتشرة، ثم على الفور رأيت الناس يضربون ويسقطون من حولي، نحن لم نسمع أي تحذيرات، كانت الأمور كالجحيم”.

قد يعجبك ايضا

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق