فيديو: (ضاري الحويل) طالب كويتي في أمريكا وبطل إطفائي تم تكريمه بلقب «منقذ العام»
https://youtu.be/6LDKMT3-P3w
تمكن الشاب الكويتي ضاري الحويل، الذي يعيش في الولايات المتحدة منذ سنتين كطالب دكتوراه في تخصص نظم المعلومات بالصحة في كلية الهندسة بجامعة ميريلاند من الحصول على لقب «منقذ العام» من مركز النهر الأوسط للإنقاذ والإسعاف ونال تكريما خاصا من أعضاء في «الكونغرس والشيوخ الأميركي» ومحافظ مقاطعة بولاية ميريلاند.
هذا اللقب يعتبره الحويل أعلى شهادة تعطى للإطفائي يشكل وساما على صدره ويفتخر به لرفعة الكويت، متمنيا أن يكون دافعا له وللشباب الكويتي للعطاء وخدمة المجتمع.
«الأنباء» منذ وصول خبر تكريم هذا النموذج الرائع للشاب الكويتي المتفاني الحريص على خدمة الإنسانية والساعي إلى رفع راية وطنه أينما ذهب، حرصت على التواصل معه وتهنئته على هذا الإنجاز الفريد، ونقل تجربته إلى الجميع، ليستفيد منها أقرانه، ويفخر بها محبوه، وتبقى نبراسا يضيء الطريق لمن يحرص على الاستفادة من تجارب الآخرين.
لقب «منقذ العام» في الولايات المتحدة لم يكن الأول للحويل فقد منح أيضا جائزتين مميزتين على مستوى العمل التطوعي خلال تطوعه في مركزين للإطفاء في الولاية، والأولى جائزة الإطفائي الشاب المتميز وهي جائزة تعطى لشخص واحد فقط، والثانية حصوله على المركز الأول في التدريب بعد إتمامه 375 ساعة تدريب في الإطفاء والإنقاذ بعد أن تميز في تدريب الإطفائيين الأميركيين وتمت ترقيته لضابط إنقاذ ومكافحة/مسعف.
ويعتبر الحويل الذي يبلغ من العمر 30 عاما أن ترتيب الوقت والهمة العالية يساعدان الإنسان على الإبداع والقيام بكل ما يرغب بدقة وإتقان سواء على الصعيد المهني او العلمي او على صعيد تقديم الخدمة للمجتمع الذي يعيش فيه دون انتظار أي مقابل، لافتا إلى أن 70% تقريبا من الإطفائيين والمسعفين في الولايات المتحدة متطوعون أي لا يتقاضون أجرا.
قصة ذات أبعاد متعددة
ضاري الحويل يعد «تجربة» بأكملها، فالحديث معه يصعب وضعه في كلمات، فهو شاب لا يجيد الحديث عن نفسه، يخجل من ذكر ما فعل.
يبرز دوما دور أسرته والآخرين الذين عمل معهم في محاولة لإبعاد دائرة الضوء عن شخصه، ثم انه بكلماته البسيطة يجعل أي شخص يشعر بالخجل.
انه يمثل باختصار النقيض الموضوعي لمن يقتلون ويحرقون، فقد وهب الشق الأكبر من وقته لكي يساعد الآخرين على الحياة، انه ذلك البرهان الذي تبحث عنه الروح في لحظات العنف والحرق والدمار على أن جوهر الإنسان هو الخير.
هذا الشاب الذي لا يميزه في المظهر شيئا عن أي شاب عربي آخر إلا أنه تلقى مع ذلك تكريما خاصا من الكونغرس الأميركي ومن حكام مقاطعات ميريلاند ومن جامعته ومن كل من عرفوا ما يفعله في صمت، ولن نختصر شيئا، فقصته تهز النفس حتى الجذور.
يقول ضاري: وصلت إلى جامعة اريزونا كطالب مبتعث، وكان ما يجول في خاطري هو البحث عن درب يمكنني أن أتعلم عبره ليس فقط تكنولوجيا المعلومات التي أتيت لدراستها، ولكن أيضا كيف يمكن لي أن أساعد الآخرين، لم آخذ مساعدة الآخرين يوما على أنها صدقة أو حسنة لا تحتاج إلى أكثر من أن يمد المرء يده في جيبه ليتصدق بما شاء له الله أن يفعل، كنت أراها شيئا أكبر من ذلك كثيرا.
وكانت سنوات صباي مؤثرة في تشكيل هذه الرؤية، كنت مشاركا في برنامج «لوياك» بالتلفزيون وكنت أتابع كل ما يفعله د.عبدالرحمن السميط رحمة الله عليه في أفريقيا، وكنت أرى نفسي في نفس قارب د.عبدالرحمن، ونشأت في تلك السنوات في نفسي رغبة قوية في أن أعرف علوم الغوص وفنونه، وعلقت شعار فريق الغوص الكويتي في غرفتي، إلا أن الجمع بين الأمرين أي الغوص ومساعدة الآخرين ظل أمرا مستعصيا على إدراكي في تلك السنوات المبكرة، ولم اكن اعرف كيف يمكنني أن أفعل أيا منهما.
التنظيم خير وسيلة للنجاح
«وحين وصلت إلى الولايات المتحدة قسمت وقتي بعناية بين دراستي ورغبتي في مساعدة الآخرين، تطوعت في أنشطة مساعدة اللاجئين من السودان والكويت ضمن فريق جامعتي آريزونا، كنا نترجم لمن لا يتحدثون الإنجليزية وكنا نساعدهم في التغلب على صعوبات هذا الانتقال الذي طرأ على حياتهم لظروف لا يملكون لها شيئا، ثم التحقت بجهود اتحاد طلبة الكويت في الولايات المتحدة لمساعدة الطلبة المبتعثين الذين يصلون إلى الولايات المتحدة في العثور على مسكن وإدخال خدمات الكهرباء والهاتف وتذليل العقبات الإدارية التي تعترضهم، وكنت أجد نفسي دائما في هذه الأنشطة».
«وفي العام الأخير بعد امتحانات الحصول على شهادة البكالوريوس مباشرة قرر الفريق الجامعي التطوعي ـ وكله من الطلبة الأميركيين باستثنائي ـ أن يتجه إلى قلب أفريقيا حيث تأخذ معاناة البشر حدودا لا يمكن تصورها، ذهبنا إلى منطقة نائية في تنزانيا، وهناك ساعدنا الناس على بناء فصول دراسية وساهمنا في التدريس لهم وزودناهم بخبرات أولية تمكنهم من حل بعض المشكلات.
ويضيف الحويل: لقد احتل الراحل د.عبدالرحمن السميط، طيب الله ثراه، دوما مكانا في قلبي لذا فقد كانت أمنيتي دوما أن أذهب إلى أفريقيا لمساعدة الناس هناك، وتحقق حلمي بهذه الرحلة التي تعلمت منها الكثير، إلا أنني لم أضيع حتى أوقات الفراغ المحدودة حين كنت في تنزانيا إذ وجدت فرصة لتعلم الغوص على أساس علمي فالتحقت بها، وحصلت على شهادة غواص في المياه المفتوحة، وكان أثر فترة تنزانيا عميقا، بأن المرء يدرك أن ما نعتبره حقائق مفروغا منها مثل الشوارع والكهرباء والمياه النظيفة ليس مفروغا منه بأي حال، إن الله أنعم علينا بما لدينا وتجعلنا رؤية من يفتقدون أي شيء من هذا نشعر حقا بنعمة الخالق عز وجل كما تجعلنا نرغب أكثر في الأخذ بأيدي من داست الحياة على إنسانيتهم.
ويكمل البطل ضاري الحويل: «عدت إلى الجامعة لأجد أنني حصلت على مرتبة الشرف وكنت من بين الثلاثة الأوائل في الجامعة، إلا أن رحلة أفريقيا ضيعت فرصة الذهاب إلى الوطن للاحتفال مع الأسرة، إلا أن أسرتي كانت متفهمة تماما لما فعلت بل وشجعتني على مواصلة هذا الطريق، ثم ما لبثت الجامعة أن عرضت علي أن أكمل للحصول على رسالة الماجستير فوافقت، غير أن همي الأساسي في تلك المرحلة كان ينقسم إلى أمرين. الأول هو كيف يمكنني أن أدمج بين رغبتي الدفينة في الغوص مع مواصلة عملي التطوعي. والثاني هو كيف أنقل أي خبرة اكتسبها إلى وطني الكويت».
فريق الغوص الكويتي
وزاد: «خلال ذلك الوقت تراسلت مع زميلة قديمة في الكويت هي نادية أحمد السقاف لأكتشف أنه بينما كنت موجودا في تنزانيا كانت هي متطوعة أيضا في كينيا، وتأسست في أعقاب ذلك مجموعة كويتيين من أجل كينيا، وكانت سمة ذلك البرنامج انه برنامج تنموي وليس فقط للمساعدات. وعملت مع اللجنة إلى أن تركتها في أيدي أكثر من أمينة لألتحق بعدها بمدرسة الغوص، وحصلت على الشهادات المطلوبة وتطوعت في فريق الغوص الكويتي وكانت مهمتنا الأساسية هي مهمة ذات طابع بيئي، إذ كنا نخرج المخلفات من مياه البحر ونرعى أعشاب المرجان ونزود الجميع بمعلومات عن ضرورة احترام الطبيعة التي استضافتنا لا لنخربها ولكن لنحافظ عليها».
«والمهم هنا هو أن عملنا كان يلقى تشجيعا من كل مؤسسات الدولة ذات الصلة، ومنها الإدارة العامة للإنقاذ البحري، الإدارة العامة للإطفاء، حرس الحدود، وكل الهيئات المعنية كانت تقدم المساعدات لنا دون تحفظ. وكنت أدرك أن ثقافة احترام البيئة متجذرة في النفس الكويتية، وواصلت تعلم فنون وعلوم الغوص حتى حصلت على شهادة مدرب غوص. وبدا لي أن هناك فرصة لدمج رغبتي في مساعدة الآخرين مع رغبتي في الغوص».
وحين عدت إلى الولايات المتحدة لاستكمال دراستي أخذت أبحث عن المؤسسات التطوعية التي تعمل في مجال الإنقاذ، ووجدت ما ابغيه في محطة أولى في ميريلاند.
وظائف مختلفة
وقال الحويل إن مفهوم العمل في الإنقاذ والإطفاء على أساس تطوعي كان جديدا تماما بالنسبة لي، فكل تلك الخدمات في الولايات المتحدة تأسست على متطوعين يعملون وقتا كاملا في وظائف مختلفة يتلقون تدريباتهم ثم يلتحقون بهذه الأجهزة ويعملون دون تلقي أي أجر، كان ذلك مذهلا بالنسبة لي، وكم تمنيت أن أنقل هذا المفهوم إلى وطني الكويت.
إلا أن المحطة الأولى التي التحقت بها لم تكن كافية لإشباع رغبتي، فقد كانت لا تعمل مباشرة في الإنقاذ البحري الذي يتطلب الغوص، وهكذا التحقت بمحطة ثانية فيما بقيت ملتحقا بالأولى، وكانت المحطة الثانية تعمل أساسا في مجال الإنقاذ البحري، وهكذا التحقت بكل دوراتها التدريبية وأنهيتها جميعا بتفوق وحصلت على كل ما تقدمه من شهادات ثم فوجئت بخبر اختياري ضابطا للإنقاذ كنت أخشى في البداية أن يعاملني الآخرون بحساسية بسبب كوني عربيا مسلما، إلا أنني لم اشعر يوما منهم جميعا إلا كل ود ورغبة في مساعدتي.
وبسبب تفوقي في عمليات المحطتين أخذت الأنظار تتوجه إلى عملي، إلى أن كرمتني ولاية ميريلاند ثم الكونغرس وحصلت من حكام مقاطعات الولاية على أنواط شرف، ربما لم أكن استحق كل هذا التكريم أو لقب «منقذ العام» الذي منحوني إياه، حيث ان هناك كثيرين يعملون بأقصى قدراتهم.
ويكمل الحويل: لم أغفل دراستي يوما، حصلت على الماجستير بمرتبة الشرف، ودعتني الجامعة لاستكمال شهادة الدكتوراه التي أدرسها الآن وهي متخصصة في أنظمة معلومات الصحة العامة، وأدعو الله أن يتم علي نعمته وان أعود إلى وطني لأنقل ما اعرف إلى الكويت الحبيبة، لقد بدأت بالفعل نقل تلك الخبرة عبر دورة تدريبية في عمليات الإنقاذ الفني، إلا أن الوطن يحتاج منا جميعا إلى كل ما لدينا.
كما انني احلم دوما بان اسلك درب د.عبدالرحمن السميط، رحمه الله، وأن اذهب الى أفريقيا، حيث يتعلم الإنسان التواضع والرضى.
ويحث الحويل أبناء جيله على تقديم كل ما يستطيعونه في خدمة مجتمعهم وخصوصا فيما يتعلق بالعمل الإنساني لما لذلك من ميزة خاصة تساعدهم على خوض غمار الحياة بكل ثقة فضلا عن الشعور بالآخر وكذلك ما تبعثه مساعدة الآخرين في النفس من ارتياح.
ويعتبر ان دعم الأهل يشكل أهمية كبرى في هذا المجال، شاكرا لله، ثم لأهلي وأصدقائي في الكويت والولايات المتحدة الذين ساندوني ودعموني لتقديم افضل ما لدي في مجال العمل التطوعي الإنساني.
(الأنباء)